Thursday, November 29, 2007

رد الشيخ علي رضا على حسن المالكي في كتابه " بيعة علي "

رد الشيخ علي رضا على حسن المالكي في كتابه " بيعة علي "

تقديم الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله

بيان تخبط وتخليط حسن المالكي وصاحبته في ما كتباه حول بيعة علي رضي الله عنه

تأليف علي رضا بن عبد الله بن علي رضا

تقديم العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

جمع هذه الحلقات عبد الله بن حميد الفلاسي

تقديم العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد قرأ علي أخونا الشيخ الفاضل: علي رضا بن عبد الله بن علي رضا النماذج التي كتبها في بيان تخبط وتخليط حسن المالكي وصاحبته في ما كتباه حول بيعة علي رضي الله عنه.

وقد كشف عن جهلهما وسوء فهمهما لأنهما دخلا في شيء هما أجنبيان عنه فجزاه الله خيراً وأجزل له المثوبة وبيعة علي بعد عثمان رضي الله عنهما حق عند أهل السنة لا خلاف فيها، والباطل الزعم بأنه الأحق بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول بعض المبتدعة ومنهم المالكي نفسه كما في كتابه "قراءة في كتب العقائد".

والشيخ علي رضا ذو عناية واهتمام بالسنة والرجوع إلى كلام أهل العلم والاستفادة منهم لا سيما الشيخ الألباني رحمة الله، وأيضاً له جهود في الرد في الصحف على بعض أهل البدع والأفكار الخاطئة وله جولات مع المالكي في الرد عليه في الصحف قبل عدة سنين.

وقد ذكر المالكي في أحد كتبه السيئة أنه أبتلى بأناس أحسدهم علي رضا، ولا أدري على أي شيء يحسد هذا المالكي ؟ أيحسد على الجهل بالسنة والنيل من الصحابة والسائرين على نهجهم من أهل السنة أم ماذا ؟
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه
عبد المحسن بن حمد العباد البدر 8/11/1423 هـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، أما بعد:
فقد كنت رددت على المدعو حسن فرحان المالكي وشريكته أم مالك الخالدي في كتابهما ( بيعة علي رضي الله عنه) وذلك في بعض الصحف المحلية والعالمية قبل عدة سنوات، فكشفت بحمد الله وتوفيقه أكاذيب وأباطيل هذين المتسترين بمذهب السلف، مع البيان القاطع لكونهما متطفلين في علم الحديث الشريف، مع غمزهما ولمزهما بعض الصحابة كمعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.

والآن فقد أظهر الله حقيقة هذا المالكي وأنه عدو لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أوضح ذلك عدد من مشايخنا الأفاضل من أمثال الشيخ عبد المحسن العباد والشيخ ربيع المدخلي حفظهما الله تعالى.

وقد رأيت التنبيه على شيء من تخبطه وتخليطه مع شريكته في بعض الأحاديث والآثار ورواتها من كتاب ( بيعة علي رضي الله عنه) مبتغياً بذلك المثوبة العظيمة من الله تعالى في الدفاع عن أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم الذين بلغوا إلينا شريعة الإسلام التي يود أعداء الإسلام الطعن فيها عن طريق الطعن في حملتها؛ ليتسنى لهم بعد ذلك إدخال الأكاذيب والأباطيل في هذه الشريعة المطهرة؛ لكن الله تعالى متم ٌ نوره ومعلٍ كلمته، ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون.

وها أنذا أبتدىء بمقدمة بحثهما من ( ص9-13 ) فأقول:

ابتدأ المالكي وشريكته بمقدمة فيها من الحق الالقادمة. لتوصل إلى الباطل الذي يسعيان إليه,

فذكرا أنهما إنما أرادا دراسة التاريخ الإسلامي دراسة حديثية كما هي طريقة أهل الحديث, مع نبذ الضعيف والباطل من روايات الضعفاء والكذابين, فهل وفى المدعوان بكلامهما ؟ هذا ما سنكشف عنه بحول الله تعالى في الصفحات القادمة.

قالا في (ص15-16 ) –لماذا هذا الموضوع ؟ - أنهما يريدان إثبات شرعية خلافة علي رضي الله عنه والرد على المشككين فيها, وكأن أحداً من المسلمين شكك فيها, فالخلافة لاشك في كونها حقاً في وقتها بعد وفاة عثمان رضي الله عنه, فعليٌ رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم –فهل هذا هو مقصودهما أم هو ستار زائف للوصول لمبتغاهما من الطعن في خلافة الصديق والفاروق وذي النورين رضي الله عنهم, والطعن في بقية الصحابة الأخيار؟


قالا في (ص18-23 ) خطة البحث وأهداف الكتاب: أنهما يسعيان لتطبيق منهج المحدثين على الدراسات التاريخية, فهل ما صنعاه هو صنيع المحدثين أم هو عمل المحدثين (من الإحداث) ؟!
قالا في (ص25-29) في المنهج والعمل في الكتاب : أنهما سيحتجان بالمقبول حديثياًُ فقط مع الاعتماد على تصحيح أئمة الحديث، وكل ما سطراه في ذلك إنما هو ذر للرماد في العيون كما يقال ، وتأن لتر العجائب !
قالا في (ص70 ) عن حديث إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلي أن لا أموت حتى أؤمّر, ثم تخضب هذه – يعني لحيته – من دم هذه- يعني هامته): (إسناده صحيح قال ذلك الشيخ أحمد شاكر-وقال الهيثمي: رجاله موثقون )
قلت: كان من الواجب عليكما إذ زعمتا الاجتهاد وعدم التقليد وأتباع منهج المحدثين أن تبحثا عن رجال الإسناد لتقفا على أن أحد رجاله, وهو عبد الله بن محمد بن عقيل إنما هو:
صدوق في حديثه لين ويقال: تغير بآخره كما قال الحافظ ابن حجر في (التقريب) 3617. وقال الذهبي:حديثه في مرتبة الحسن. الميزان 2/485.
إلا أن للحديث شواهد كما قال البيهقي يتقوى بها؛ ولذلك صححت متنه في تحقيقي لـ(مسند علي رضي الله عنه ) 6 / 4932 - 2396 ولله الحمد.
وذكرا في (ص81-82 ) حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً: (إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة, وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً, لا يخاف في الله لومة لائم, وإن تؤمروا علياً –ولا أراكم فاعلين –تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم) قالا: (أحمد في المسند بتحقيق أحمد شاكر 2/157 برقم 589 وقال: صحيح الإسناد. وله شاهد عن حذيفة ).


قلت: في هذا تأكيد على أن هذين المتسترين لا يفقهان من هذا العلم إلا التقليد الأعمى أو أنهما علما ضعف الإسناد الشديد عند البزار في (المسند)-زوائده-2/225 فكتما ذلك أو قلدا الهيثمي في قوله: رجال البزار ثقات.
(مجمع الزوائد)5/176 مع أن في الإسناد فضيل بن مرزوق, وهو شيعي. قال ابن حبان: منكر الحديث جداً, كان ممن يخطئ على الثقات, ويروي عن عطية الموضوعات.

(الميزان)3/362. وقوله: (ولا أراكم فاعلين) منكرا.
وفي الإسناد علتان لن يسلم الحديث منهما لو سلم من العلة الأولى.

الأولى: زيد بن يثيع, وهو وإن قال عنه الحافظ في (التقريب) 2160: ثقة مخضرم ! الثانية:يه أنه مجهول؛ فإنه لم يرو عنه سوى أبي إسحاق السبيعي, ولم يوثقه إلا العجلي وابن حبان, وتوثيقهما غير موثوق به هاهنا, ولهذا مال الذهبي إلى تجهيله في (الميزان) 1/107 بقوله: ما روى عنه سوى أبي إسحاق.


الثانية : عنعنة أبي إسحاق السبيعي, وهو مشهور بالتدليس, وكان قد اختلط .


أما طريق أحمد في (المسند ) ففيه: عبد الحميد بن أبي جعفر ولم أقف على توثيق واضح فيه إلا ما كان من قول أحمد فيما رواه عنه ابنه في (العلل) 3/140 أن شريكاً أثنى عليه.
وقال أبو حاتم: شيخ كوفي. (الجرح والتعديل ) 6/17 ولم يرو عنه سوى اثنين، فهو مجهول الحال على التحقيق، وإن ذكره ابن حبان وابن شاهين في (الثقات) ص160 فهما متساهلان في التوثيق كما هو معروف عند أهل هذه الصنعة الشريفة.
وانظر (تعجيل المنفعة ) 1/784.
وقول محققه بأن أحمد وثقه: وهم أو سبق قلم، فليحرر فإن المـحقق لم يذكر مكان ذلك أو المصدر.
ووفي الإسناد العلتـان الآنفتان (عـنعنة أبي إسحاق واختلاطه، وجهالة زيد بـــن يثيع كما تقدم ).
فالحديث ضعيف لا يحتج به لا كما أوهمة المتستران !!
ولهذا حكمت عليه بحمد الله تعالى بالضعف في تحقيقي لـ(مسند علي) رضي الله عنه (3/1033- 1035).
وقد زعما أن للحديث طرقا أخرى عند ابن عساكر في (تاريخ دمشق)-المخطوط- وهذا إيهام منهما بأن له طرقا متعددة، فالحقيقة هي أن للحديث طريقين فقط وهما موجودتان في (مسند علي) بتحقيقي كما تقدم، وليس فيه الطرق الأخرى كما زعما !!
وهذا من التشبع بما لم يعط العبد؛ فلهما النصيب الأكبر من قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري في (صحيحه)5219 ومسلم في (صحيحه)2130 من حديث أسماء رضي الله عنها، وكذا عند مسلم (2129)من حديث عائشة رضي الله عنها: ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ).


ذكر في( ص383) حديث أم سلمه رضي الله عنها عند الحاكم في ( المستدرك)3/119 قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض نساء المؤمنين، فضحكت عائشة رضي الله عنها فقال انظري يا حمراء أن لا تكوني أنت ) ثم التفت إلى علي وقال (إن وليت من أمرها شيئاً فأرفق بها ).
ثم أوردا في الحاشية إسناد الحاكم وحسناه إيغالاً منهما في تضليل القراء!!
والحقيقة أن الإسناد لا يحتج به، ففيه عمار الدهني، وهو وإن كان صدوقاً كما قال الحافظ إلا أنه يتشيع، وقد روى هنا ما يؤيد بدعته فلا يقبل منه، كما هو صريح كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله عن رواية المبتدع وأنها مردودة ولو لم يكن داعية إذا روى ما ظاهره مما يوافــق مذهبه.
انظر (تدريب الراوي) 2/326 للسيوطي.
والحديث رواه أيضاً البيهقي في (دلائل النبوة )6/411 عن شيخه الحاكم بإسناده ومتنه سواءً.
ولو سلم من هذه العلة فلا يسلم من علة الانقطاع بين سالم بن أبي الجعد وبين أم سلمه، فقد ذكر العلائي في (جامع التحصيل) برقم 218 أن سالماَ لم يسمع من أم سلمه، ذكره بعد قول أبي داود بعدم سماع سالم من شرحبيل بن السمط فقال: وقال غيره: لم يسمع من أم سلمه.
وقال الحافظ في (الفتح 2/444 ) عند ذكره لحديث لعب الحبشة: (ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا).


قالا في (ص85-86 ) عن حديث الزبير رضي الله عنه


تقاتل علياً وأنت ظالم له ): (هذا الحديث مروي بطرق كثيرة فيها الحسن (!) والضعيف لكن مجموعها يقتضي صحة الحديث (!!).
وقد روي هذا الحديث عن علي والزبير جميعاً رواه كثيرون (!!!) منهم أبو جرو المازني وأبو علي,ن الأسود الدؤلي عن أبيه وعبد السلام رجل من حية والحكم بن عتيبة مرسلاً والأسود بن قيس وغيرهم, وهذه الأحاديث النبوية العشرة (!) تدل دلالة واضحة على أحقية علي , وهي من الدلائل الواضحة على صحة وشرعية خلافته وبيعته ).
ثم علقا في الهامش بقولهما: (وقد ذكره الحافظ في الفتح 13/55 وسكت عليه وهو صحيح على شرطه (!) وانظر المطالب العالية ( 4/301 ,303).
والحديث أخرجه إسحاق بن راهوية وأبو يعلى والنسائي في مسند علي وأبو (كذا) منيع وأبو بكر بن أبي شيبة في المصنف وغيرهم كثير(!!!).
ورمز لصحته الأعظمي في المطالب العالية وصححه الشيخ علي رضا (!!) في تحقيقه لـ(مسند علي رضي الله عنه).


وأقول: والله إن الكذب لسهل على هذين المتسترين بمذهب السلف المتخفيين بمذهب الرافضة وطريقتهم في الكذب والافتراء؛ ذلك لأن في كلامهما ما سيأتي:

أولاً:

زعمهما أن في طرق الحديث ما فيه الحسن كذب منهما؛ فلا يوجد طريق حسنة الإسناد أصلاً!!


ثانياً:

قولهما بأن مجموع الطرق يقتضي صحة الحديث غير مسلم به لهما فلم يسلم طريق واحد منها من الضعف!

ثالثاً:

زعمهما أن الأحاديث عشرة... الخ كلام فارغ وتشبع باطل؛ فلا توجد عشرة أحاديث, وإنما هي طرق لحديث واحد, ولا تبلغ العشرة كما ادعيا !

رابعاً:

زعمهما أن الحافظ ابن حجر سكت على الحديث وأنه صحيح على شرطه: إيهام منهما؛ فإن شرط الحافظ واضح في مقدمة (فتح الباري) ص4 فقد قال – بعد ذكره الفوائد التي يجدها في المسانيد والجوامع والمستخرجات والأجزاء-: بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك.
إذاً فشرط الحافظ الصحة أو الحسن وليس الصحة فقط !


خامساً:

قولهما وغيرهم كثير): تشبع لا يسمن ولا يغني من جوع.

سادساً:

زعمهما أن الأعظمي رمز لصحته افتراء منهما عليه؛ فإن الأعظمي مع تساهله في الأحكام على أحاديث (المطالب العالية) فقد صرح بضعف تلك الروايات كلها!

سابعاً:

افتراؤهما عليّ حينما زعما أني صححت الحديث في (مسند علي) ! والحق أني ضعفت الحديث في (مسند علي) من جميع طرقه, وها هي أماكن ذلك من (المسند): 2/537 ,1/257 ,258, 5 /1994 ,1995 ,6/2425 !! ثامناً: كان من الواجب عليهما أن يبينا أن الشاهد الذي نسباه لحذيفة رضي الله عنه إنما هو من كيسهما, وليس من كلام المحدث أحمد شاكر ! كما أوهمه كلامهما, ولم يذكرا أيضاً مكان الشاهد لينظر فيه !
قالا في (ص87 ) عن أثر حذيفة رضي الله عنه: (أخرج البزار في مسنده بسند جي).ن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال: كيف أنتم وقد خرج أهل دينكم يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ؟ قال: فماذا تأمرنا ؟ قال: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر عليّ فالزموها؛ فإنها على الحق ).
ثم ذكرا في الحاشية أن الحافظ قال في الفتح 13/55 (كذا) إن إسناده جيد, وزادا: أن له حكم المرفوع (!).
وأقول: الأثر أخرجه البزار في (مسنده)7/236-2237 برقم (2810) وقد ذكر محققه رحمه الله أن عمرو بن حريث - الذي في إسناده - مجهول كما في (لسان الميزان) 4/413- طبعة دار الكتب العلمية- وفيه أيضاً: طارق بن عبد الرحمن وقد ذكره ابن حجر في(التقريب) وقال: صدوق له أوهام (3020) وعليه فالإسناد ضعيف, ولو حققا في ذلك- وهيهات- دون تقليد لعلما أن الصواب ما ذكرته .
ثم رجعت إلى (الفتح) 13/88 فوجدت أن الحافظ سكت عن الإسناد ولم يجوّده كما زعما, وإنما هو تقويل للحافظ بما لم يقله ! وذلك مخالف لما في (لسان الميزان)4/413.
قالا في (ص88) بأن أثر عمر رضي الله عنه: (إن ولّوْها الأجلح- يعني علياً- سلك بهم الطريق المستقيم): أخرجه عبد الرزاق وابن سعد وابن عساكر وغيرهم بأسانيد صحيحة (!!).
قلت: كلا؛ فإن في الإسناد عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس, وقد اختلط, فأنى له أن يكون صحيحاً !؟
قالا في (ص89) بأن أثر حارثة بن مضرب قال: (حججت مع عثمان فكان الحادي يحدو أن الأمير بعده علي ): إسناده صحيح, وهما قلدا محقق (فضائل الصحابة)1/493.
وأقول: فيه العلة الآنفة الذكر وهي عنعنة أبي إسحاق واختلاطه, فكيف يكون إسناداً صحيحاً ؟!
ومعنى الأثر صحيح؛ لأن الأمر كان دائراً بين عثمان وعلي رضي الله عنهما، فقدم عثمان ثم علي من بعده بلا خلاف، والحمد لله.
ذكرا في ( ص89 ) أن البلاذري روى في ( أنساب الأشراف) ص217 بإسناد صحيح عن طارق بن شهاب أن الحسن بن علي قال لعلي:
(..... فلو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى يستخرجوك......).



قلت: إسناده حسن من أجل محمد بن أبي أيوب, فهو صدوق عند الحافظ, والصواب أنه ثقة إن شاء الله تعالى فقد وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم؛ فالإسناد صحيح لو كان البلاذري ثقة؛ فإنه ليس فيه توثيق لأحد من الأئمة. انظر ترجمته في (لسان الميزان)1/429-430.
ثم ذكرا (ص89-90) أثر حذيفة فقالا: روى الحاكم – في المستدرك 3/115 – بسند صحيح عن أبي راشد قال: لما جاءت بيعة علي إلى حذيفة قال: ( لا أبايع بعده إلا أصعر أو أبتر).
وأقول:هذه شهادة من حذيفة بأن علياً أولى الناس يومئذ بالخلافة وأنه لن يأتي بعده من يضاهيه أو يقاربه, بل هذا الأثر قد يكون له حكم الرفع؛ لأن حذيفة قد صح أنه أعلم الناس بأخبار الفتن والأمراء بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأقول : لقد سئمنا من كثرة أكاذيب هؤلاء القوم !
فإسناد الحاكم ليس بصحيح أصلاً؛ فإن فيه يحيى بن أبي طالب, وهو وإن وثقه الدار قطني, فقد كذبه موسى بن هارون. ولكن قال الذهبي بأنه يعني الكذب في كلامه, ولم يعن في الحديث, وزاد: فالله أعلم, والدار قطني فمن أخبر الناس به.
وقد بوب الخطيب البغدادي في (الكفاية) ص117 ما يدل على أن حديث الكاذب في كلام الناس مردود, وأسند – قبل ذلك ص116 – عن مالك بأن أربعة ترد روايتهم وذكر منهم الذي يكذب في أحاديث الناس.


ولو خلا من هذه العلة؛ فإن الإسناد لا يحتج به أيضاً ففيه: عدي بن ثابت, وهو وإن كان ثقة إلا أنه شيعي, بل هو إمام مسجد الشيعة وقاصهم كما قال أبو حاتم. (التهذيب)3/85 – مؤسسة الرسالة –وعليه فلا يقبل منه هذا الخبر؛ لأنه يؤيد بدعته, كما أن متنه منكراً جداً, ففيه حط صريح على الحسن ومن بعده معاوية رضي الله عنهما, فقد صار الحسن خليفة المسلمين كما هو معلوم ثم معاوية, والزعم بأن الأثر قد يكون له حكم الرفع فيه طعن واضح منهما في خلافة الحسن ومعاوية وأمانتهما وأخلاقهما رضي الله عنهما, فلو ثبت للأثر حكم الرفع؛ لكان فيه ذم لهما من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا ما يسعى إليه هذان المتستران !!
على أن هناك علة أخرى في الإسناد, وهي أن أبا راشد لا يدرى هل هو الحبْراني الثقة؛ فإنه يروي عن علي رضي الله عنه, أم هو الذي يروي عنه عدي بن ثابت فيكون المجهول ؟! وانظر (تهذيب الكمال) 33/299-300 وهكذا يتبين لنا جهل الكاتبين وتخبطهما.
قالا في ( ص113- 115 ) عن رواية الأسود بن يزيد النخعي و خزيمة بن ثابت الأنصاري ما سأثبت نقله من ردي عليهما مما كنت كتبته في الصحف العالمية ( جريدة: المسلمون ) والمحلية ( جريدة: المدينة والبلاد ) < << كيف يضحك علينا المالكي >>؟
ظهر للمدعو حسن بن فرحان المالكي بعض المقالات المتتابعة في جريدة الرياض بعنوان ((كيف يضحك علينا هؤلاء ))؟
وقد عجبت من قوله في ( ص258 ) من كتابه (( بيعة علي )) رضي الله عنه: (( والعجب فيمن يعذر معاوية في الخروج على علي رضي الله عنهما، ولا يعذر عبد الرحمن بن عديس البلوي في الخروج على عثمان رضي الله عنهما مع أن عبد الرحمن بن عديس أفضل من معاوية (!) فهو من أصحاب بيعة الرضوان الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة (!)


أما معاوية فلم يكن أسلم يومئذ، ولا عمرو بن العاص، ولا كل أهل الشام الذين حاربوا علياً بصفين (!!!)
فابن عديس خير منهم جميعاً (!) ومع هذا تجد المؤرخين يتهمون ابن عديس - تبعاً لسيف بن عمر - بأنه من السبئية، سبحان الله ؟ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبئية ؟! أصحاب بيعة الرضوان سبئية ؟! )).
وأقول للكتاب: مهلاً؛ لقد تعجلت، وأنت الذي زعمت أنك تريد نقد الدراسات التاريخية على ضوء الروايات الصحيحة ؟! فهل فعلت ذلك في شأن عبد الرحمن بن عديس البلوي حتى تجزم بأنه من أصحاب بيعة الرضوان ؟! أنا لاشك أنك قد اطلعت على ترجمة البلوي في ((الإصابة)) ، وغيرها من كتب التراجم ، فهل فاتك دراسة ذلك الإسناد الذي يدور عليه القول بأن البلوي هذا من أصحاب بيعة الرضوان ؟! إن كان جوابك بالنفي، فأنا أجزم لك بأن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة فيما ادعيته بشأن عبد الرحمن بن عديس البلوي، و إليك البيان:
أخرج البغوي من رواية عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عياش بن عباس، عن أبي الحصين بن أبي الحصين الحجري، عن ابن عديس مرفوعاً:
( يخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية؛ يقتلون بجبل لبنان والخليل ).
فلما كانت الفتنة كان ابن عديس ممن أخذه معاوية في الرهن، فسجنه بفلسطين، فهربوا من السجن، فأدرك فارس ابن عديس فأراد قتله، فقال له ابن عديس: ويحك ! اتق الله في دمي؛ فإني من أصحاب الشجرة.
قال: الشجر بالجبل كثير (!) فقتله ).


فلو صح هذا الحديث لم يكن فيه منقبة لابن عديس؛ بل العكس؛ فإنه كان فيمن قتل هناك !! إلا أن الحديث لا يصح ؛ فإن إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة ؛ فإنه كان قد اختلط وساء حفظه ؛ وليست الرواية عنه – هاهنا - من طريق أحد العبادلة الذين سمعوا منه قبل احتراق كتبه . وانظر ( تهذيب التهذيب ) 2/411 – 414) .مؤسسة الرسالة .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسناد مضطرب كما هو ظاهر من الطرق التي ساقها الحافظ ابن حجر عن الحديث من ( الإصابة ) 2/411 ، رقم الترجمة 5163 !!
وعليه فمن استدل بهذا الحديث على أن ابن عديس من أصحاب الشجرة فقد أخطأ !
وكذلك فإن الجزم بصحبته فيه نظر ؛ لعدم ثبوت ذلك بإسناد صحيح !
ولعله من تساهل الذهبي قوله عن ابن عديس هذا : له صحبة وزلة . ( توضيح المشتبه ) 6 / 199- 200 .


وأقول: كيف لو وقف حسن فرحان المالكي على عكس ما ادعاه في البلوي هذا ؟
روى ابن شبة في ((أخبار المدينة )) 4/10 أثراً جيد الإسناد ، فيه زَلَّةٌ وقعت لابن عيس هذا فقال : حدثنا إبراهيم ابن المنذر ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو المعافري ، أنه سمع أبا ثور الفهمي – في الأصل : ((التميمي)) وهو تحريف – قال : قدمت على عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فبينما أنا عنده خرجت ، فإذا أنا بوفد أهل مصر قد رجعوا ، خمسين عليهم ابن عديس ، قال : وكيف رأيتهم ؟ قلت : رأيت قوماً في وجوههم الشر . قال: فطلع ابن عديس منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخطب الناس وصلى لأهل المدينة الجمعة ، وقال في خطبته : (( ألا إن ابن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن عثمان بن عفان كذا وكذا ، تكلم بكلمة أكره ذكرها ، فدخلت على عثمان رضي الله عنه ، وهو ، محصور ، فحدثته أن ابن عديس صلى بهم ، فسألني ماذا قال لهم؟ فأخبرته ، فقال: كذب والله ابن عديس ، ما سمعها من ابن مسعود ، ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قط ، ولقد اختبأت عند ربي عشراً ، فلولا ما ذكر ما ذكرت ، إني لرابع أربعة في الإسلام ، وجهزت جيش العسرة ، ولقد ائتمنني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابنته ، ثم توفيت فأنكحني الأخرى ، والله ما زنيت ، ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تغنيت ، ولا تمنيت، ولا مسست بيميني فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مرت بي جمعة إلا وأنا أعتق رقبة منذ أسلمت ، إلا أن لا أجد في تلك الجمعة ، ثم أعتق لتلك الجمعة بعد)).
وهذا الإسناد جيد كما تقدم ؛ فابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة كما هو هاهنا ، وأبو ثور الفهمي ؛ جزم بصحبته أبو حاتم و أبو زرعة الرازيان . (الجرح والتعديل) ( 9/315) . ويزيد المعافري صدوق كما في ((التقريب)) (7810).


ثم بعد أن كتبت هذه السطور راجعت ((معرفة الصحابة))- لأبي نعيم الأصبهاني ، فوقفت على ما يـؤكد ضعف حديث عبد الرحمن بن عديس البلوي الآنف، وضعف ما يثبت صحبته ؛ فقد روى أبو نعيم في ((المعرفة)) (2/ورقة54/وجه أ) أثراً من رواية زيد بن الحباب, ثنا ابن لهيعة, حدثني يزيد بن عمرو المعافري, سمعت أبا ثور الفهمي يقول (قدم عبد الرحمن بن عديس البلوي, وكان ممن بايع تحت الشجرة)) .
فهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة, وليست الرواية عنه من طريق أحد العبادلة,ثم روى أبو نعيم (2/ق54/ا-ب). حديث سيخرج أناس من أمتي يُقْتلون بحبل الخليل))... وذكر القصة التي رواها البغوي كما تقدم .
والإسناد ضعيف لعلة الاضطراب؛ بل هو وجهٌ من وجوه الاضطراب في السند الذي بيّنه الحافظ في ((الإصابة)) , وذكر هناك أن حرملة- وهو صدوق –رواه عن ابن وهب ؛ بإسناده, وفيه رجل مجهول لم يسمّ, ومن ذلك الوجه رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في ((المعرفة والتاريخ)) (3/358).
والخلاصة : أن الحديث ضعيف لاضطراب سنده ، فلا يجوز – والحالة هذه - الاعتماد عليه في تفضيل ابن عديس على معاوية، وعمرو بن العاص، وأهل الشام بل كلهم كما قال المالكي !!
وعلى فرض ثبوت الصحبة؛ فإن عبارة المالكي ظاهرة في التحامل على معاوية وعمرو رضي الله عنهما ، وعن جميع الصحابة .


وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ) رواه الطبراني عن ابن مسعود ، وابن عدي عنه أيضاً ، وعن ثوبان ، وعن عمر رضي الله عنهم . وانظر ( السلسلة الصحيحة ) للمحدث الألباني- رحمه الله تعالى - برقم ( 34) . فلماذا لا ينصاع المالكي لهذا الحديث الشريف ؟!
وقبل أن أختم هذا المقال أرى – لزاماً - أن تبادر شريكة الملكي بحذف الافتراء الذي زعمت أنه وقع من الوليد بن عبد الملك الذي - على حد تعبيرها - قلب الفضيلة إلى مذمة ومنقصة ؛ بل إلى كفر صريح (!!!) نعوذ بالله من الضلالة – بعد – الهدى ) !! نسيت الكاتبة كلمة (بعد) بين (الضلالة ) و (الهدى) فوقعت في أقبح التناقض ، فقالت : ( نعوذ بالله من الضلالة والهدى ) !!!!
أقول : ادعت الكاتبة أن الوليد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحرف حديث : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) حرفه إلى : (أنت مني بمنزلة قارون من موسى ) !!!
وأقول : أهذا هو الإنصاف أيتها المتسترة ؟؟؟؟!
تستدلين بخبر مكذوب من رواية عبد الوهاب بن الضحاك المعروف بالكذب – كما جزم الخطيب أثناء تمحيصه لهذه القصة . انظر : ( تهذيب الكمال ) للمزي ( 5/ 577 ) - تستدلين بالباطل والكذب ، وأنت التي زعمت أنك ستعتمدين على الروايات الصحيحة ، لا بل تنتقدين أشد الانتقاد على من يستدل بالضعيف والموضوع ؟؟ !!
(هل هذا منهج المحدثين أم صنيع المُحْدثين..؟!)


في جلسة جمعتني مع حسن بن فرحان المالكي في مدينة الرياض في بيت أحد طلاب العلم وبوجد عدد منهم، جرى نقاش بيني وبين المالكي حول الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فقال بأنه لا يقال عنه هو في الجنة . فقلت: له فهل يقال هو في النار؟! فسكت!!
هذه مقدمة هالتني وأفزعتني من هذا الرجل! فأخذت أتتبع مقالاته وكتاباته، فوجدت شيئاً غير يسير من الفظائع ؛ فأردت أن يتنبه لها القراء والمالكي نفسه من باب (الدين النصيحة...) كما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد انتقدت كتابه (بيعة علي) وبينت فيه تحامله على معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، كما بينت عدم قدرة المؤلف مجاراة أهل العلم في صناعة الحديث وعلله من خلال إثبات اطراب إسناد الحديث الذي استدل به لإثبات أفضلية عبد الرحمن بن عديس على معاوية وعمرو بن العاص؛ باعتباره من أصحاب الشجرة ، كما أن مداره على ضعيف وآخر لم يسم وقد تقدم بيان ذلك.
كما أثبت عدم توفر الأهلية للنقد الحديثي عند مؤلفة الكتاب أم مالك الخالدي ؛ وذلك باستدلالها بخبر مكذوب موضوع !
أما كتاب (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) فإني وجدت فيه من العجب ما يوافق الذي استنتجته عن المالكي هذا في كونه لم يفقه الحديث وعلله رغم تفاخره بذلك في مقدمة كتابه (ص40).
فقد ذكر في الكتاب المتقدم (ص123، برقم3) أن رواية الأسود بن يزيد النخعي وخزيمة بن ثابت الأنصاري وردتا بإسناد واحد، رواه الحاكم في (المستدرك3/114) وأنها رواية صحيحة الإسناد لذاتها (!).


قلت : يا لله العجب! هل هذا هو الذي تزعم أنه التحقيق ؟!
ألم تعلم أن في إسناد هذه الرواية أبا إسحاق السبيعي ، وهو مشهور بالتدليس ، وقد عنعن الإسناد ، فأنى له الصحة !؟
ثم إن أبا إسحاق كان قد اختلط أيضا!
فهل فات هذا كله المالكي الذي سينقذ التاريخ الإسلامي بزعمه!؟
أم أنه مقلد في ذلك تقليداً أعمى لشريكته التي وقعت في هذا الشرك - بفتح الراء - الذي يصاد به المبتدئون المتطفلون على الحديث وعلله. ثم لو سلمنا – جدلاً – بأن هذه العلة منتفية، فكيف يقال عن إسناد فيه رجل لا بأس به عند الذهبي – بل ما علم فيه بأسا على التحقيق ! – كيف يقال عن ذلك الإسناد بأنه صحيح لذاته !!؟ وثالثة الأثافي (!) فإن شيخ الحاكم رافضي، ألف في الحط على بعض الصحابة ، وهو مع ذلك ليس بثقة ٍ في النقل !!! سير أعلام النبلاء (15/ 577).
ثم نقل الذهبي عن الحاكم نفسه أنه قال عن شيخه: رافضي غير ثقة . فكيف تقول المؤلفة أم مالك الخالدي - وقلدها المالكي !- في الحاشية (2 ص 113) عن هذا الرافضي : شيخ الحاكم ثقة ؟!!
اللهم إني أبرأ إليك من هذه الخيانة العظيمة .
قال الحافظ محمد بن حماد عن هذا الرافضي : ( كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب – مثالب الصحابة – حضرته ورجل يقرأ عليه أن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسناً) .
ولما رجعت إلى ترجمته من ( الميزان) 1/ 139 للحافظ الذهبي كدت أن أبكي – والله – من خيانة ودناءة هذا الرافضي الخبيث .


قال الذهبي : أحمد بن محمد بن السري بن يحيى بن أبي دارم المحدث (!) أبو بكر الكوفي الرافضي الكذاب !!
ثم نقل عن الحافظ محمد بن حماد الكوفي في خبر آخر عن هذا الكذاب في تفسير قوله تعالى: ( وجاء فرعون ) : عمر (!) (ومن قبله) : أبو بكر (!) ( والمؤتفكات ) : عائشة وحفصة (!)
قال : ثم إنه حين أذن الناس بهذا الأذان المحدث وضع حديثاً متنه :
( تخرج نار من قعر عدن تلتقط مبغضي آل محمد ) . ووافقته عليه ، وجاءني ابن سعيد في أمر هذا الحديث ، فسألني ، فكبر عليه ، وأكثر الذكر له بكل قبيح ، وتركت حديثه ،وأخرجت عن يدي ما كتبته عنه ) .
والله ! ما كنت أحسب أن الجهل أو الخيانة – وأحلاهما علقم – يبلغ بالمالكي هذا وشريكته درجة تجعلهما يستدلان بهذا الإسناد الموضوع والمتن المنكر الشنيع الذي فيه شرك واضح صريح في قول خزيمة بن ثابت – رضي الله عنه ، ولعن الكاذب عليه ! – إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا أبو الحسن مما نخاف من الفتن !
وأقول : إذاً فحسبنا الله ونعم الوكيل من هذا الشرك ! وسبحانك اللهم هذا بهتان عظيم !
أهذا هو إنقاذ التاريخ الإسلامي ؟!
أهذا هو التحقيق ومنهج المحدثين ؟!
إنني أدعو المالكي وشريكته إلى التوبة النصوح أولاً !


وأدعوهما إلى إعلان توبتهما وخطئهما العظيمين على الملأ في الصحف والمجلات ثانياً!
وأدعوهما إلى ترك مجال الحديث الشريف وعلله لغيرهما من أهل التحقيق والممارسة والخبرة ثالثاً !
وقد كانا ذكرا في ( ص112 – 113 ) رواية ابن عمر رضي الله عنهما من رواية نعيم بن حماد في الفتن ( 1/ 186 ) من طريق الإفريقي عن ابن يسار عن ابن عمر رضي الله عنهما وفيه ( ففزع الناس إليه ) .
ثم قالا : أخرجها نعيم بن حماد في ( الفتن ) وفيها الإفريقي : هذا إسناد لا بأس به !
قلت : بل به بأس ! فالإفريقي سيئ الحفظ كما نقلاه من ( تقريب ابن حجر ) . ونعيم كان يخطيء كثيراً - وليس كما زعما بأن فيه كلاماً فقط - .
ذكرا في ( ص 141 –142 ) رواية علي الثانية وفيها أن علياً رضي الله عنه قال عن طلحة والزبير رضي الله عنهما : ( بايعاني بالبصرة ، ولو أن رجلاً ممن بايع أبا بكر خالفه لقتلناه وكذلك عمر ) .
قلت : زعما أن الحافظ صحح إسناده في ( المطالب العالية ) 4/ 296 ! وهذا كذب وجهل منهما ؛ فإن الذي قال عن إسناده بأنه صحيح إنما هو البوصيري وليس ابن حجر كما نقل ذلك محقق الكتاب.
ثم كذبا مرة أخرى حين زعما أن متن القصة صحيح ، وأن إسناده فيه ضعف لاحتمال تدليس الحسن !) . وسيأتي بيان خبطهما وخلطهما بشأن تدليس الحسن .
أما تصحيح أحمد شاكر للسند عند أحمد في ( المسند ) 1/ 142 فهو خطأ منه رحمه الله؛ ففيه علتان توجب الواحدة منهما ضعف السند فكيف بهما معاً ؟!


ضعف علي بن زيد بن جدعان ، وعنعنة الحسن البصري ، وهو مشهور بالتدليس ! فقولهما : وقد وصف بالتدليس تدليس منهما !!
وقد زالت العلة الأولى عند إسحاق بن راهوية كما في مسنده ( المطالب العالية ) 5/ 32 –34 برقم ( 4399 ) وهو في ( مختصر المطالب العالية ) لابن حجر 5 / 207 برقم ( 4092 ) .
ولكن بقيت علة تدليس الحسن قائمة، فقولهما : إن الإسناد فيه ضعف تساهل بين منهما ، فالإسناد ضعيف .
ذكرا في ( ص 143 ) رواية الأشتر الثانية : فذكرا ما أخرجه الطبري بسند صحيح – قالا : والتصحيح من الحافظ ابن حجر ( 13 / 57 ، 58 ) - عن علقمة قال : قلت للأشتر : قد كنت كارهاً لقتل عثمان بن عفان فكيف قاتلت يوم الجمل ؟
قال : إن هؤلاء بايعوا علياً ثم نكثوا عهده .
قلت : لقد سئمنا والله من كثرة أكاذيب هذين الكاتبين !!
فالتصحيح المزعوم بأنه للحافظ ابن حجر كذب عليه، وضحك على البلهاء من الناس !
أما أهل العلم فيعلمون بحمد الله تعالى أن الحافظ لم يصحح ما رواه الطبري فقال : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش يقول : قال علقمة : قلت للأشتر : قد كنت كارهاً ......... إلى آخر القصة ؛ فإن هذا الإسناد مما لا يخفى على المبتدئين في هذا العلم الشريف انقطاعه بين أبي بكر بن عياش وبين علقمة ، فكيف بالحافظ المتفنن شيخ الإسلام ابن حجر ؟!


والصواب أن الذي صححه الحافظ هو رواية مغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال : قلت للأشتر ......... فذكره بعد الإسناد الأول !!
وفي ( ص 280 ) يطعن هذان المتستران بمذهب السلف في خلافة الصديق رضي الله عنه بأنها كانت فلتة بينما كانت خلافة علي رضي الله عنه باختيار المهاجرين والأنصار !!
ولبيان حقيقة قول عمر رضي الله عنه : ( فلتة ) التي زعم هذان المتعالمان أنها تطعن في خلافة الصديق ، ننقل كلام العلماء والأئمة حول تفسير قول عمر رضي الله عنه :
قال الحفظ ابن حبان في ( صحيحه ) 2/ 158 في شرح قول عمر :
( إن بيعة أبي بكر كان ابتداؤها من غير ملأ الله وقى شرها ) : يريد أن بيعة أبي بكر كان ابتداؤها من غير ملأ ، يقال له : الفلتة . وفد يتوقع فيما لا يجتمع عليه الملأ الشر ، لا أن بيعة أبي بكر كان فيها شر ) .
وقال أبو عبيد – كما في ( فتح الباري ) 12 / 150 - عاجلوا ببيعة أبي بكر خيفة انتشار الأمر وأن يتعلق به من لا يستحقه فيقع الشر .
وقال الحافظ ابن حجر : قوله ( ولكن وقى الله شرها ) أي وقاهم ما في العجلة - غالباً – من الشر؛ لأن من العادة أن من لم يطلع على الحكمة في الشيء الذي يفعل بغتة لا يرضاه، وقد بين عمر سبب إسراعهم ببيعة أبي بكر لما خشوا أن يبايع الأنصار سعد بن عبادة ) .


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( منهاج السنة ) 3 / 118 : ( ومعناه أن بيعة أبي بكر بودر إليها من غير تريث ولا انتظار ؛ لكونه كان متعيناً لهذا الأمر كما قال عمر : ليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر ، وكان ظهور فضيلة أبي بكر على من سواه ، وتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم له على سائر الصحابة أمراً ظاهراً معلوماً ، فكانت دلالة النصوص على تعيينه تغني عن مشاورة وانتظار وتريث بخلاف غيره فإنه لا تجوز مبايعته إلا بعد المشاورة والانتظار والتريث ) .
قالا في ( ص282 ) عن رواية علي رضي الله عنه : (......... ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان وأنكرت نفسي)! : إنهما متوقفان في الرواية ؛ لأن فيها عنعنة الحسن البصري ، وفيها انقطاع بين أبي جعفر الهاشمي وهارون الخزاز الذين في سند الخبر ، وإليكم نص كلامهما :
( والصواب أن إسنادها محل توقف على الأقل ففيها : أولاً : عنعنة الحسن البصري . أما ثانياً : ففي الإسناد أبو جعفر الهاشمي وهو ثقة لكن شيخه في الرواية هارون الخزاز توفي وعمر الهاشمي لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة ؟! وهذا محل تأمل وشك ؟! هل سمع منه في تلك الفترة ؟! ومتى سمع الرواية منه ؟ فالرواية محل توقف ولا نجزم بحسن إسنادها ) .
وأقول : لقد كذب المالكي هنا صراحة ، وخان في النقل من ( المستدرك ) ؛ فإن علة الانقطاع المزعومة لا وجود لها في الواقع كما سيأتي بيان ذلك قريباً.
أما علة العنعنة المزعومة فدليل آخر من أدلة كثيرة ( وكثيرة جداً ) تقطع بجهل عظيم وتخلف كبير في هذا العلم الشريف؛ ذلك لأن عنعنة الحسن البصري عن التابعين محمولة على الاتصال كما استظهر ذلك شيخنا محدث العصر الألباني رحمه الله تعالى في ( السلسلة الصحيحة ) برقم ( 834 ) ص488 فقال :


( لكن الظاهر من تدليسه إنما هو ما كان من روايته عن الصحابة دون غيرهم ؛ لأن الحافظ في ( التهذيب ) أكثر من ذكر النقول عن العلماء في روايته عمن لم يلقهم ، وكلهم من الصحابة ، فلم يذكروا ولا رجلاً واحداً من التابعين روى عنه الحسن ولم يلقه ، ويشهد لذلك إطباق العلماء جميعاً على الاحتجاج برواية الحسن عن غيره من التابعين ؛ بحيث لا أذكر أن أحداً أعل حديثاً ما من روايته عن تابعي لم يصرح بسماعه منه ) . والحسن يروي في هذا الخبر عن قيس بن عباد وهو تابعي ثقة مخضرم كما في ( التقريب ) 5617 .
أما الانقطاع المزعوم بين أبي جعفر شيخ الحاكم وبين هارون الخزاز فلا أصل له في الواقع؛ ذلك لأن أبا جعفر الهاشمي إنما يروي عن محمد بن أحمد الرياحي عن هارون الخزاز، فليس هناك انقطاع أصلاً ، بل هناك خيانة في النقل ! وإليكم البيان :
قال الحاكم في ( المستدرك ) 3 / 95 :
حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور أمير المؤمنين ، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الرياحي ، ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز ، ثنا قرة بن خالد عن الحسن عن قيس بن عباد قال : سمعت علياً رضي الله عنه يوم الجمل يقول :
( اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان وأنكرت نفسي ، وجاؤني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ) .
وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد ، فانصرفوا ، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة فقلت : اللهم إني مشفق مما أقدم عليه ، ثم جاءت عزيمة فبايعت ، فلقد قالوا : يا أمير المؤمنين فكأنما صدع قلبي ، وقلت : اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى).


قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه وأقره الذهبي !!
والصواب أنه صحيح فقط ؛ فإن محمد بن أحمد الرياحي لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما .
قال شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في ( تعليقات على ما صححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي ) ص257 برقم 826 : ( والإسناد فيه محمد بن أحمد بن يزيد الرياحي ، ولم يخرج له أحد من أصحاب الستة ، وهو صدوق كما في تاريخ بغداد 1/372). وهاهنا نكتة لم أر أحدا نبه إليها سوى شيخنا الألباني في ( السلسلة الصحيحة ) برقم 1078 وخلاصة كلامه أنه يجب لمن أراد أن يجاري الحاكم على اصطلاحه في تصحيح الإسناد على شرط الشيخين أو أحدهما أن يكون ذلك اعتباراً من شيخهما أو أحدهما .
قال رحمه الله : ( وبيانه أن الحاكم رحمه الله جرى في كتابه ( المستدرك على الصحيحين ) على تصحيح السند على شرط الشيخين أو أحدهما اعتباراً من شيخهما أو أحدهما ، بمعنى أن رجال الحاكم إلى الشيخ يكونون ثقات ، وسنده إليه عنده على الأقل يكون صحيحاً ، ولكن ليس على شرطيهما ؛ لأنهم دونهما في الطبقة بداهة ، فإذا أردنا أن نجاري الحاكم على هذا الاصطلاح فلا بد من أن ينتهي سند الحديث إلى شيخ البخاري ومسلم أو أحدهما ليصح القول بأنه على شرطهما ، فإذا كان السند الذي هو على شرط مسلم مثلاً كما هنا انتهى إلى راو من رواة مسلم هو شيخ الراوي الذي هو من طبقة شيوخ مسلم ، وليس شيخه فعلاً كما هو الحال في ابن ملاس هذا ، ففي هذه الحالة لا يصح أن يقال بأنه على شرط مسلم .
ولعله مما يزيد الأمر وضوحاً أنه إذا فرضنا أن إسناداً للحاكم انتهى إلى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، ومعلوم أن سعيداً وأبا هريرة من رجالهما ولكن إسناد الحاكم إلى سعيد ليس على شرط الشيخين أي لم يخرجا لرجاله في صحيحيهما ففي هذه الحالة يقال : إسناده صحيح ولا يزاد عليه فيقال : على شرطهما حتى يكون آخر الرجال في السند من شيوخهما.


ثم أنهى شيخنا الألباني رحمه الله بحثه بقوله :


( وهذه مسألة هامة لا تجدها مبسوطة في علمي في شيء من كتب المصطلح المعروفة، فخذها بقوة واحفظها لتكون على بينة فيها ، وتتفهم شيئاً من دقائق هذا العلم الذي قل أهله. والله ولي التوفيق ) .
قلت : ذكر الألباني هذا كله عند الكلام على حديث رواه الحاكم في ( المستدرك ) 4 / 558 – 559 فقال :
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن هشام بن ملاس النمري ، ثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ، ثنا يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إن طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش ؛ مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان ) .
قال الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي ، وزاد : على شرط مسلم !
قال الألباني : أصاب الحاكم وأخطأ الذهبي ؛ فإن الفزاري من رجال مسلم لا من شيوخه ، وابن ملاس لم يخرج له مسلم أصلاً وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 4/ 116 ) فليس على شرط مسلم إذن ، وحسنه في ( الفتح ) 11 / 368 .
ثم ذكر شيخنا شرح كلامه الذي أوردته في أول هذه الفائدة .


قالا في ( ص286 ) إن الواقدي ممن يستشهد بهم في التاريخ !


وهذا تقليد وليس بعلم؛ فإن الواقدي وإن ذكر الحافظ ابن حجر والذهبي ما يدل على أنه ممن يستشهد بهم في التاريخ ؛ فإن الصحيح الذي عليه أهل الحديث المتقدمون منهم والمتأخرون هو أن الواقدي متهم بالكذب فلا يستشهد به أصلاً كما قال علي بن المديني : الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي ، لا أرضاه في الحديث وفي الأنساب ولا في شيء . انظر ( الميزان ) 4/ 324 وترجمة الواقدي من كتب الرجال .
ومن العلماء المتأخرين شيخنا الألباني في عشرات المواضع من ( السلسلة الضعيفة والموضوعة ) وعلى سبيل المثال : رقم ( 1689 ، 1443 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( الاعتماد عليه – يعني الواقدي – بمجرده في العلم فهذا لا يصلح ) . الفتاوى 27 / 469 .
وقال : ( الواقدي لا يحتج به باتفاق أهل العلم ) الفتاوى 21 / 41 .
وقال ابن حجر رحمه الله ( الواقدي لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف ! ) فتح الباري 1 / 340 . وفي نهاية هذا المطاف من بيان تخبط وتخليط المالكي وشريكته في بعض الأحاديث والآثار ، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل مني هذا العمل وكل عمل ، وأن ينفعني به في يوم ( لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) .
اللهم إن قلوبنا سليمة على أصحاب نبيك وخليلك محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فاجمعنا بهم تحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم . آمين .
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .


وكان الفراغ منه في ليلة الأربعاء 7 / 10 / 1423 ه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


المصدر

نشره الكاتب
var bookmarkurl="/sahat?14@177.hO6odzr2U3D.11@.1dd3056f"
var bookmarktitle="الرد على حسن المالكي في كتابه : بيعة علي 000 بتقديم الشيخ العباد"
function addbookmark(){
if (document.all)
window.external.AddFavorite(bookmarkurl,bookmarktitle)
}
الصدى في الساحة الإسلامية بتاريخ 17-2-2003 17:33